محمد بك الألفي

محمد بك الألفي (ت. 1807)، أحد أمراء المماليك في مصر.

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

حياته

أتى محمد الألفي إلى مصر بواسطة بعض التجار عام 1189 هـ، واشتراه أحمد بك جاويش أحد أمراء المماليك، والذي كان يلقب بالمجنون، نظرا لما يتصف به من سفه ومجون، بعد عدة شهور طلب الألفي مغادرة قصر جاويش فاشتراه سليم أغا الغزاوي الملقب بتيمور لنك وبعد شهور أهداه إلى مراد بك الكبير ودفع ثمنه ألف أردب غلة ومن هنا كانت تسميته بالألفي.[1]

وكان الألفي عصبي المزاج وجاءه أحد أمراء المماليك وطلب منه أمرا فواق الألفي وبعد انصراف الرجل عدل عن رأيه فعاتبه الأمير فثار الألفي وأمر رجاله بضربه بالنبابيت إلى أن مات بعد يومين. وصل الخبر لمراد بك فأمر بنفيه إلى ما يعرف اليوم باسم كفر الشيخ.

وذات مرة اتفق أمراء المماليك على نفي الأمير مصطفى بك إلى الإسكندرية، فأمر مراد بك الألفي أن يلازم مصطفى بك إلى منفاه ثم يعود إلى القاهرة وبعد عودته احتفل به المماليك وأصبح سنجق، وعرف عنه قسوته وسوء معاملته للشعب. بعد ذلك عينه مراد بك كاشف على الشرقية (تعادل منصب محافظ)، وكان معظم سكان الشرقية في ذلك الوقت قبائل من البدو يعملون في الاغارة على القوافل التجارية وسلبها ونهبها وأحيانا الاغارة على أطراف القاهرة وضواحيها، وبعد تولي الألفي الشرقية قام بالقبض على زعمائهم وحبسهم ومنعهم من التعدي على الأهالي.

وانتشر وباء الطاعون في مصر وأفنى الكثير من الأهالي، فسافر الألفي وأهله إلى الصعيد وظل هناك أربع سنوات وعكف خلالها على مطالعة كتب الفلك والهندسة والعلوم والتاريخ، أعلن اعتزاله الدنيا واكتفاؤه بالاقطاعيات التي يملكها، وكثر أعداؤه من أمراء المماليك ورغبوا في الاستيلاء على ممتلكاته فأكثر من شراء المماليك إلى أن امتلك أكثر من ألف مملوك وأربعين كاشف، وكان يزوج مماليكه لجواريه ويعتقهم ويسكنهم وينفق عليهم في محاولة لضمان ولاء المماليك له. وقلد أحد مماليكه كشوفية الشرقيهة وبنى لنفسه قصر كبير في بلبيس وكان يقيم في الشرقية أربعة أشهر وفي الصعيد أربعة أشهر أخرى.

كما شيد الألفي قصر كبير في الأزبكية ذو أعمدة رخامية ضخمة ونوافذ من الخشب الثمين وزينه بالتحف والنجف مما أهداه له بعض أثرياء أوروبا وكان يحيط بالقصر بستان شاسع. بعد أن انتهى من بناء القصر أتت الحملة الفرنسية على مصر وكان وقتها الألفي في الشرقية، فاختار نابليون قصر الألفي مقرا لاقامته.

بعد رجوع الألفي للقاهرة، حارب جيوش نابليون في إمبابة وأبلى بلاءا حسنا وقتل منهم الكثير، وتنقل بعدها من مدينة لأخرى أثناء مقاومته للفرنسيين. نجح بعدها في دخول القاهرة أثناء حصار الفرنسيين لها بعد إندلاع ثورة القاهرة الثانية.

عقد مراك بك اتفاقا مع الفرنسيين حصل بموجبه على الصعيد، فاعتزله الألفي واستمر في قتاله للفرنسيين ورجع مع جيوش من المماليك إلى الشرقية، ثم إلى الصعيد.

بعد خروج الفرنسيين من مصر فرح المماليك وأقاموا الاحتفالات، وكان الألفي قلقا من تزايد نفوذ العثمانيين في مصر، فجمع أمراء المماليك وقال لهم:

« لا تغتروا بذلك فأنما هى حيل ومكايد فانظروا في أمركم وتفطنوا لما عساة يحصل، فان سو الظن من الحزم، وهؤلاء العثمانيين لهم السنين العديدة يتمنون نفاذ أحكامهم في هذا الاقليم وأمراء مصر قاهرون لهم وغالبون عليهم وليس لنا معهم الا مجرد الطاعه الظاهر، وما كنا نفعله معهم من الإهانة ومنع الخزانة وعدم الامتثال لاوامرهم، كل ذلك مكمون في نفوسهم، وطالما دخلو مصر الآن بجيوشهم فلا يهون عليهم أن يتركوها لنا كما كانت ويرجعوا إلى بلادهم فدبروا أمركم وتيقظوا من غفلتكم ...»

ونصحهم بالعبور للبر الغربي للنيل والبقاء هناك وأن يطلبوا وساطة الإنجليز بينهم وبين العثمانيين حتى يخرج الجيش العثماني من مصر. اعترض بعض الأمراء وقالوا:

كيف ننابذهم ولم يظهر لنا منهم خيانه؟ وكيف نذهب الى الانجليز أعداء الدين فيحكم العلما بردتنا وخيانتنا لدوله الاسلام؟؟

فرد عليهم الألفى:

«أما الاستنكاف من الالتجاء للانجليز فان القوم أنفسهم لم يستنكفوا من ذلك والتجأوا اليهم (يقصد العثمانيين) ولولا مساعدتهم لما قدروا على اخراج الفرنسيس من مصر، فأن تلك مساعدة حرب، اما نحن فمساعدة وساطه وصلح ومصلحه لا غير.»

ولما رفض الأمراء رأيه لجأ الالفى للمكر والحيلة حتى ينجو بنفسه وتقرب لمحمود أفندي كاتب الوزير العثماني وأوهمه بأنه يستطيع الحصول على أموال ضخمة من الصعيد وأن يجمع ثروات كثيرة مات أصحابها في الطاعون ولا وريث لها وعرض عليه أن يجمعها له بشرط أن يوليه كشوفية الصعيد، وسرعان ما وافق الوزير، أولا للحصول على المال، وثانيا لتفريق شمل المماليك خصوصا أن الألفي هو أكثرهم قوة ونفوذا في مصر.

وعُين الألفي كاشف للصعيد وخرج من مصر بأمواله ومماليكه وذهب إلى الصعيد، نما إلى علم الوزير أن الصعيد هي الملجأ الآمن للماليك وان تحصن فيها الألفي فلن يقدر على الوصول اليه. فأرسل الوزير رسالة سريعة للألفي يطلب منه أن يعود ثانية للقاهرة إلا أن الألفي فورد خروجه من القاهرة ووصوله الصعيد اختفى ولم يستطيع الوزير الوصول إليه.

وبالفعل غدر العثمانيين بالمماليك ودعوا زعماؤهم لاجتماع في سفينة الوزير وبمجرد دهولهم حاصروا الجند وقتلوهم، وفي الوقت نفسه هجم العسكر العثمانيعلى منازل المماليك بالقاهرة وقبضوا عليهم، إلا أن جيش الإنلجيز كان متواجد بالقرب من سفينة الوزير فتدخل لانقاذ المماليك وبالفعل انقذ منهم عدد قليل، وهرب من استطاع الهرب إلى الصعيد وانضم إلى الألفي.

نظم الألفي قواته وتقدم بها إلى أن وصل للجيزة وعسكر فيها وتقدم بعدها إلى البحيرة، وأرسل العثمانيون تجريدة لمواجهة الألفي أسماها العامة تجريدة الحمير حيث جمعوا كل الحمير الموجودة بالقاهرة لحمل متاع الحملة المتجهة لمحاربة الألفي.

وهزم الألفي الجيش العثماني شر هزيمة وقتل أعدادا كبيرة منه ورجع الباقي إلى القاهرة في أسوأ حال، فغضت عليهم خسرو باشا، الذي كان يتولى القاهرة في ذلك الوقت، وطردهم منها ورفض اعطائهم أجورهم.

بعد ذلك سافر الألفي مع الجيش الإنجليزي لإنجلترة وبصحبته بعض الأمراء وترك محله أحد أمراءه وهو بشتك بك.


المصادر

  1. ^ الألفي بك مدونة أحمد سعيد، 15 أغسطس، 2009